يتنبأ البعض أن تنتهي ظاهرة الصحف والكتب الورقية في المستقبل، وتختفي قارئ الصحيفة، والمتعلق بها والذي يصر على حملها معه إلى منزله، أو مكتبه، أو استقبالها عند التوزيع يومياً، ويزداد هذا التنبؤ نتيجة لاكتساح الانترنت لجميع مجالات المطبوعات. وتنامي مستخدميه في جميع أنحاء العالم من مختلف الأعمار، حيث يرون أنه يوفر لهم الكثير من الوقت، والجهد، والسياحة في جميع المواقع، وقراءة أي صحيفة في العالم، والدخول على موقع أي كاتب وهم في أماكنهم، والتخاطب من خلال الإيميل مع من يريدون، وطرح أفكارهم بحرية مطلقة.
كل هذه الثورة والتي تتسارع خطاها ستقضي دون شك على هذا العالم الصحفي البطيء الحركة والمرتبط يومياً بعدة صفحات في جريدة، و مجلة أسبوعية يدفع ثمنها، وقد تتكدس لديك في المنزل لفترات طويلة، إن كنت مسافراً أو مشغولاً، ولا تتمكن من قراءاتها في نفس اليوم، وبالتالي تفقد الارتباط بما ينشر ومتعته اليومية، لتتحول بعدها إلى صحف بايتة، أو قديمة، أو غير قابلة للقراءة اليوم على الأقل لصدور طبعة اليوم.
القراءة المتأخرة لصحيفة لم تصل، أو لم تتمكن من إيجادها، حل محلها قراءاتها في الانترنت وسهولة الحصول عليها، وأيضاً الاكتفاء بقراءة ما تريده فقط من المقالات، أو الصفحات التي اعتدت عليها، أو تصفح الجريدة كاملة دون الحاجة إلى حمل الصحيفة.
ومع هذا الانتشار للانترنت، وازدياد مرتاديه وتوقعاتهم بغياب الصحافة الورقية والكتب المطبوعة، هل سيتلاشى قراء الصحف مثلاً وتغيب الصحيفة اليومية المطبوعة بمتعتها المعتادة؟
هل ستقفل الصحف أبوابها وتقلص موظفيها وتتعامل مع الانترنت فقط لنشر صحيفتها؟
هل ستختفي المكتبات التي تبيع الصحف وأكشاك الجرائد؟
هل ستنتهي طباعة الكتب وتقفل المطابع أبوابها، ويلجأ كل مؤلف إلى طباعة كتابه على الانترنت وفرض رسوم معينة لمن يريد الدخول والقراءة؟
وبين تعدد الأسئلة، وتعدد الإجابات أيضاً وأغلبها توقعية يبدو أن الصحافة الورقية لن تغيب على الأقل قريباً، وستبقى محافظة على قرائها ممن أدمنوا التعامل معها، لأن قراءة الصحيفة الورقية بالرغم من وجود الانترنت في كثير من المنازل لا تزال تقتحم المنزل، وتحافظ على مكانتها، ووجودها والسبب للمتعة التي توفرها الصحيفة المكتوبة على الورق، وهي متعة اعتادتها أجيال، ولا يمكن أن تتغير هذه العادة لهم في خلال سنوات محدودة.
إضافة الى سهولة قراءتها في كل الأمكنة، وفي كل الأوقات، وعدم الحاجة الى عمل جهاز، وفتحه، ومثلاً عدم وجود الموقع لأسباب فنية.
ولمن أدمن قراءة الصحف مهما حاول الخروج من مأزقها بحجة أنه لا يوجد لديه الآن الوقت الكافي لقراءة كل هذا الكم الهائل من الصحف يوميا، والتي تتشابه أيضاً، إضافة إلى ارتفاع أسعارها بالنسبة للقارئ البسيط، وهي بحسبة شهرين تكلفه مبلغاً كبيراً أو من هنا جاء اللجوء إلى الانترنت، وقراءاتها من خلاله سواء كان في مكانه أو مسافراً، فلن يحتاج إلى قراءة أي صحيفة في المستقبل.
ومع موضوعية بعض الآراء التي استغنت عن قراءة الصحف تظل هناك الآراء الأخرى الأكثر التي تؤكد على بقاء الصحافة الورقية وعدم غيابها ويدل على ذلك انتشارها حتى الآن في أوروبا، وأمريكا، وازدياد توزيع بعض الصحف العالمية المعروفة، وثبات قراءها، لارتباطهم بها، ولعلاقتهم النفسية بالصحيفة، ثانياً والتي لا يمكن أن يغيبها الانترنت، ولأن خصوصية الإمساك بصحيفة أي صحيفة تظل من الأمور الاعتيادية الممتعة التي من غير الممكن تغييرها، أو التنازل عنها، حتى مع وجود الانترنت والتعامل معه.