لماذا عاتب الله سبحانه وتعالى " يونس " أشد عتاب
وصفه بأشد الأوصاف التي قلما يوصف بها نبي
فقد ذكره في القرآن (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ) أى انه يستحق اللوم .
و قال (فَنَبَذْنَاهُ ) ولم يقل فأخرجناه ، نفس وصف فرعون وقومه أثناء غرقهم (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) .....
قال عنه سبحانه و تعالى انه كان سيبقى مذموم ... قال ( لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ )...و قال بإنه " أبق " (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ )( إِذْ أَبَقَ ) و لم يقل ( إذ هرب ) والإباق تستخدم للعبد و لا يوصف به الأحرار . و قال و هو يوصف خسارته في القرعة ( فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ ) اي من المغلوبين المنهزمين ...
لماذا غضب خالقك سبحانه و تعالى من يونس لهذه الدرجة ؟ ..
في " نينوي " عاصمة الدولة الأشورية في شمال العراق .... التي كانت من أغنى وأعظم المدن في التاريخ و لكنهم للاسف كانوا يعبدون الأصنام
فأرسل الله سبحانه وتعالى " يونس " يدعوهم ليعبدوا الله الواحد الأحد ... حاول معهم يونس سنين طويلة .لم يؤمن منهم أحد ، بل كانوا يسخرون منه ..
بعد مرور سنوات طويلة . قال المولي سبحانه وتعالى ليونس ان يبلغ قومه " ان ربنا سيعطيهم مهلة 3 أيام يتوبوا فيها ، ولو لم يفعلوا سيحل عليهم عقابه مثل ما حل بالأقوام الي سبقتهم ."
فاستهزوا به .. فغضب عليهم
" يونس " غضب شديد و تركهم دون أن يفكر للحظة انهم ممكن ان يؤمنوا قبل مرور الثلاثة ايام ...
مع انه قبل مرور الثلاثة أيام ، كانت القرية كلها قد آمنت !!
لأنهم شعروا بالفزع وبالخوف لما وجدوا ان الحيوانات مضطربة كأنها تتوقع حدوث كارثة قريبا....
و هذه التوبة تعد أعظم توبة في التاريخ... فالقرية بالكامل آمنت بالمولي عز و جل في أقل من ثلاثة أيام... سبحانك ربي
{ فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ }..
فقبل الله سبحانه وتعالى توبتهم ورفع البلاء عنهم.
أخطأ " يونس " على قومه عندما استعجل و غضب وركب سفينة .. فلما ركب ، اشتدت الرياح فالقوا بالبضائع كلها دون جدوي . فاقترح واحد منهم ان يضحوا بواحد منهم كي ينجوا الباقيين...
القرعة وقعت على يونس ثلاث مرات ، فرموه في البحر فهدات الأمواج ..
و امر ربنا الحوت ان يبتلع " يونس" بدون ان يخدش لحمه أو ان يكسر له عظم ...
فدخل يونس في ثلاث ظلمات ....
ظلمة الليل ...ظلمة قاع البحر ..
وظلمة بطن الحوت .
في هذه اللحظة ، تذكر " يونس " ربه و اعترف بذنبه و استغفر و ندم {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ} .
{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ } اي انه كان من المسبحين ، الذاكرين طوال حياته ..
( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) .
{ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } سقط يونس على شاطئ البحر بين الحياة والموت و هو جلد على عظم ...
{ وأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ }
فرحمه الله و أنبت له شجرة لتحميه...و لماذا كانت من نوع اليقطين ؟ .
لانه نوع من أنواع القرع المختلفة و هي شجرة تتميز بورقة نبات كبيرة جدا ممكن ان تظلل الانسان.. كما ان اوراقها مضادات حيوية لعلاجه . فربنا أنعم عليه بظل اليقطين وبطعام الشجرة حتى تعود له قوته.
بعدها رجع يونس لقومه ...ووجد أن كل المدينة قد آمنت بالله . (و أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) ....
و الان .... لا تفعل مثل يونس و تيأس من هداية البشر ..و لا تستبعد الهداية لاي انسان عاصي . فقد قال سبحانه و تعالي لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " ..
سبحانك ربي..
اللهم اغفر لنا و ارحمنا برحمتك الواسعة فان عفوت عنا فلن ينقص من ملكك شيء و ان عذبتنا فلن يزيد في سلطانك شيء..
الهي ..انت تجد من تعذبه غيري و انا لا اجد من يرحمني غيرك ...
اللهم ارحمنا من عذابك و من فقر الأخلاق و اخلاق الفقر... امين يارب العالمين.
لكن ماهي أخلاق الفقر و فقر الأخلاق
فموعدنا الثلاثاء المقبل ان شاء الله ؟